[quote
][/quote]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعـد
* العلامة الرابعة من علامات الساعة الكبرى خروج يأجوج ومأجوج:
ثم يأذن الله تعالى لقوم يأجوج ومأجوج بالخروج وهم من كل حدب ينسلون كما وصفهم الله تعالى بقوله: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [1].
* فمن هم قوم يأجوج ومأجوج؟:
قال الحافظ في الفتح (10/129): يأجوج ومأجوج قبيلتان من ولد يافث بن نوح، قال ابن كثير: وقد حكى النووي رحمه الله في شرح مسلم عن بعض الناس؛ أن يأجوج ومأجوج خلقوا من منيٍّ خرج من آدم فاختلط بالتراب، فخلقوا من ذلك، فعلى هذا يكونون مخلوقين من آدم وليسوا من حواء، وهذا قول غريب جدا، لا دليل عليه لا من عقل ولا من نقل، ولا يجوز الاعتماد هنا على ما يريه بعض أهل الكتاب ما عندهم من الأحاديث المفتعلة. والله أعلم.
قال بعض العلماء: هؤلاء –أي قوم يأجوج ومأجوج- من نسل يافث أبي الترك، أي أبناء عم- أهل الصين وروسيا واليابان ومنغوليا ومن شابههم، وقد أقام ذوالقرنين السد بين هذه القبائل وبين قوم يأجوج ومأجوج لفسادهما وطغيانهم عليهم، وقال ابن كثير في تفسيره للقرآن العظيم (5/195): إنما سمي هؤلاء تركًا لأنهم تركوا من وراء السد من هذه الجهة، وإلا فهم أقرباء أولئك، لكن كان في أولئك بغي وفساد وجراءة.
وقد ذكر ابن جرير هنا عن وهب بن منبه أثرًا طويلاً عجيبًا، في سير ذي القرنين وبنائه السد، وكيفية ما جرى له، وفيه طول وغرابة ونكارة؛ في أشكالهم وصفاتهم، وطولهم وقصر بعضهم وآذانهم. وروى ابن أبي حاتم عن أبيه في ذلك أحاديث غريبة لا تصح أسانيدها والله أعلم.
أين هم؟
بين الله تعالى في سورة الكهف عن قصة ذي القرنين - والذي أمده الله تعالى بالقوة حتى بلغ مشارق الأرض ومغاربها، – ثم أنه أتى بعد ذلك على قوم عجم كما قال تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْماً لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً ([2]. ومعنى بين السدين، قال ابن كثير: وهما جبلان متناوحان، بينهما ثغرة يخرج منها يأجوج ومأجوج على بلاد الترك، فيعيثون فيها فسادًا، ويهلكون الحرث والنسل. ويأجوج ومأجوج من سلالة آدم # كما بينا آنفا: )وجد من دونهم قومًا لا يكادون يفقهون قولا ( -أي لاستعجام كلامهم وبعدهم عن الناس-.
) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرض فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً ([3]. قالوا: يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض، - أي يدمرون البلاد والعباد، ويهلكون الحرث والنسل- فهل نجعل لك خرجًا) قال ابن عباس: أي أجرًا عظيمًا، يعني أنهم أرادوا أن يجمعوا له من بينهم مالاً، يعطونه إياه حتى يجعل بينه وبينهم سدًا فقال ذوالقرنين بعفة وديانة وصلاح وقصد للخير: )قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً([4]، ومعنى (ما مكني فيه ربي خير) أي أن الذي أعطاني الله من الملك والتمكين؛ خير لي من الذي تجمعونه، ولكن ساعدوني بقوة، أي بعملكم وآلات البناء، )أجعل بينكم وبينهم ردمًا آتوني زبر الحديد ( (والزبر جمع زبرة وهي القطعة وهي كاللبنة)، )حتى إذا ساوى بين الصدفين (، أي وضع بعضه على بعض من الأساس حتى إذا حاذى به رءوس الجبلين طولا وعرضًا ) قال انفخوا ( أي أجج عليه النار حتى صار كله نارًا ) قال آتوتي أفرغ عليه قطرا (، قال ابن عباس: هوالنحاس. ويستشهد بقوله تعالى: {وأسلنا له عين القطر}، أي جعل ذوالقرنين سداً منيعا، وحصنا حصينا، بين أولئك القوم وبين يأجوج ومأجوج، فكان ذلك السد مكونا من حديد ونحاس، حتى تكون له قوة عظيمة، وكما قال الله تعالى: )فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً([5]. يقول تعالى مخبرًا عن يأجوج ومأجوج؛ أنهم ما قدروا على أن يصعدوا من فوق هذا السد، ولا قدروا على نقبه من أسفله، ولما كان الظهور عليه أسهل من نقبه قابل كلا بما يناسبه فقال: )فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبًا(، وهذا دليل على أنهم لم يقدروا على نقبه ولا على شيء منه، وهذا بالطبع ليس على إطلاقه، حيث من المعلوم أن السنة جاءت شارحة للقرآن، فمما جاء في السنة بهذا الخصوص ما رواه البخاري ومسلم عن زينب < وهي إحدى زوجات رسول الله r: أن النبي r دخل عليها فزعا يقول: {لا إله إلا الله! ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه} وحلق بين أصبعيه الإبهام والتي تليها. فقلت: يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟! قال: {نعم! إذا كثر الخبث}، - أي هناك ثقب قطره كقطر حلقة الإبهام والسبابة من اليد، فتح من ردم يأجوج ومأجوج - بهذا الحديث علمنا أن السد منذ بنائه إلى حين بعثة رسول الله r كان السد وكما أخبرنا الله تعالى:
) فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا ( ولكن ببعثة رسول الله r وهي أول علامة من علامات الساعة الصغرى، لقوله عليه الصلاة والسلام: {لست من الدنيا وليست مني إني بعثت والساعة نستبق} سبق تخريجه. وفي رواية لمسلم عن جابر t قال: كان رسول الله r إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه كأنه منذر جيش يقول: {صبحكم ومساكم} ويقول: {بعثت أنا والساعة كهاتين} ويقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى، وتحديداً لما دخل عليه الصلاة والسلام على زوجه زينب < وأخبرها بقوله: {فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج..} الحديث {بدأ قوم يأجوج ومأجوج بمحاولتهم المتكررة لفتح السد، وإن دل هذا يدل على قرب الساعة الوشيك كما قال تعالى: ) حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ ([6].
* ماذا يفعلون كل ليلة: -
يخبرنا رسول الله r في حديثه هذا: {إن يأجوج ومأجوج ليحفرون السد كل يوم، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس، قال الذي عليهم: ارجعوا فستحفرونه غدا. فيعيده الله أشد ما كان، حتى إذا بلغت مدتهم، وأراد الله أن يبعثهم على الناس؛ حضروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس؛ قال الذي عليهم: ارجعوا فستحفرونه غدا إن شاء الله. واستثنوا، فيعودون إليه وهوكهيئته حين تركوه، فيحفرونه ويخرجون على الناس}[7]. ولهذا قال تعالى: )قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً ([8]. فيأجوج ومأجوج إذن هم محبوسون خلف السد الذي بناه عليهم ذوالقرنين قديما، وذلك بسبب فسادهم وشرورهم كما بيَّنا ذلك، وما يزالون محبوسين إلى اليوم الوقت المعلوم لخروجهم.
وقد روي أن مكان ذلك السد في منقطع بلاد الترك مما يلي أرمينيا وأذربيجان، أي على الحدود التركية الروسية قريباً من جبال القوقاز، والله أعلم.
ذلك السد الحصين المنيع الثخين السميك، المرتفع الشاهق، المصنوع من الحديد والنحاس المصهور، لا يستطيعون نقبه لثخانته – إلا ما أسلفنا ذكره، - ولا الظهور عليه – أي تسلقه – لعلوه وارتفاعه، إلا ما كان تحت إرادة الله ومشيئته.
* ماذا يفعلون بعد خروجهم؟؟
استمع معي لقول الحبيب المصطفى r بما أخبر عنهم قال: {تفتح يأجوج ومأجوج فيخرجون على الناس، كما قال الله عز وجل: )من كل حدب ينسلون ( فبينما هم كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى إني أخرجت عبادا لا يدان لأحد بقتالهم – وفي رواية لمسلم: {فإني قد أنزلت عباداً لي لا يَدَيْ لأحد بقتالهم}- فحرز عبادي إلى الطور، فيغشون الناس، وينحاز المسلمون عنهم إلى مدائنهم وحصونهم، ويضمون إليهم مواشيهم، ويشربون مياه الأرض، حتى إن بعضهم ليمر بالنهر فيشربون ما فيه، حتى يتركوه يبسا، حتى إن من يمر من بعدهم ليمر بذلك النهر، فيقول: قد كان هاهنا ماء مرة …}، وفي رواية أخرى: {فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية، فيشربون ما فيها ويمر، آخرهم فيقولون لقد كان بهذه مرة ماء …} وقال: {فينشفون الماء، ويتحصن الناس منهم في حصونهم} ، {فيقول قائلهم: لقد كان بهذا المكان مرة ماء، ويظهرون على الأرض، فيقول قائلهم: هؤلاء أهل الأرض، قد فرغنا منهم، ولننازلن أهل السماء حتى إن أحدهم ليهز حربته إلى السماء، فترجع مخضبة بالدم، فيقولون قد قتلنا أهل السماء} رواه ابن ماجه عن أبي سعيد الخدري وقال الألباني حسن صحيح، انظر صحيح ابن ماجه (2/1363).
وفي رواية {حتى إذا لم يبق من الناس أحد إلا أحد في حصن أومدينة، قال قائلهم: هؤلاء أهل الأرض قد فرغنا منهم بقي أهل السماء، ثم يهز أحدهم حربته، ثم يرمي بها إلى السماء، فترجع إليه مختضبة دما، للبلاء والفتنة} وفي رواية لمسلم: {ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر، وهوجبل بيت المقدس، فيقولون: لقد قتلنا من في الأرض هلم فلنقتل من في السماء. فيرمون بنشابهم إلى السماء، فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة، دما ويُحصَر نبي الله عيسى وأصحابه، حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مائة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله - أي بوصول أولئك القوم إلى بيت المقدس – أي يأجوج ومأجوج وهم أعداد هائلة وسنبين عددهم لاحقاً في هذه الحلقة على وجه التقريب وليس للجزم - وفي جبل الطور يُحَاصر نبي الله عيسى ومن معه من المؤمنين الذين لجأوا إليه بأمر الله تعالى، ويبلغ الحصار والضيق عليهم مبلغه حتى لا يكادوا يجدون ما يقتاتون به، وحتى يصل الحال برأس الثور والذي قبل الحصار ما كان يساوي شيئاً من الدريهمات، أصبح الآن أفضل من مئة دينار ذهبي لأنه غير متوفر، حيث إن قوم يأجوج ومأجوج بأعدادهم الهائلة ما تركوا خلفهم أخضر ولا يابسا، سوى ما ضمه المسلمون إليهم في حصارهم اليسير من مواشيهم، وبعد أن بلغت القلوب منهم الحناجر، فعند ذلك يلجأ عيسى {ومن معه إلى التضرع إلى الله بالدعاء (فيرغب عيسى بن مريم إلى الله وأصحابه) قال القاضي: أي يرغبون إلى الله تعالى في إهلاكهم، وإنحائهم عن مكابدة بلائهم , ويتضرعون إليه فيستجيب الله، فيهلكهم بالنغف كما قال r: {فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم، فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة، ويهبط نبي الله عيسى وأصحابه، فلا يجدون موضع شبر إلا قد ملأه زهمهم ونتنهم ودماؤهم}. - معنى: (فيرسل الله عليهم) أي على يأجوج ومأجوج (النغف) هودود يكون في أنوف الإبل والغنم
(فيصبحون فرسى) هلكى, وهوجمع فريس، كقتيل وقتلى، من فرس الذئب الشاة إذا كسرها وقتلها ومنه، فريسة الأسد (كموت نفس واحدة) لكمال القدرة وتعلق المشيئة قال تعالى: {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة} رواه أحمد والحاكم عن أبي سعيد وصححه الألباني (صحيح الجامع 2973)..
وفي رواية عند الإمام أحمد وهي حسنة: {فبينما هم على ذلك – أي مأجوج ومأجوج في فسادهم – إذ بعث الله عز وجل دودا في أعناقهم، كنغف الجراد، الذي يخرج في أعناقه فيصبحون موتى لا يسمع لهم حس، فيقول المسلمون: ألا رجل يشري لنا نفسه، فينظر ما فعل هذا العدو- أي يبيع نفسه لله تعالى، كما جاء من قوله تعالى: ) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ( - فيتجرد رجل منهم محتسبا نفسه قد أوطنها على أنه مقتول، فينزل فيجدهم موتى بعضهم على بعض، فينادي: يا معشر المسلمين! ألا أبشروا إن الله عز وجل قد كفاكم عدوكم. فيخرجون من مدائنهم وحصونهم، ويسرحون مواشيهم، فما يكون لها مرعى إلا لحومهم، فتشكر عنه، كأحسن ما شكرت عن شيء من النبات أصابته قط} انظر المصدر السابق.
أي عندما ينزل عيسى {ومن معه من المؤمنين من حصنهم لم تجد مواشيهم شيئاً تأكله إلا أجساد يأجوج ومأجوج، فيأكلون منها فتسمن وتضر دروعها بما لم تعهده تلك المواشي من قبل، ولكن مهما أكلوا، لايأكلون إلا قليل القليل منهم نسبة لأعدادهم الهائلة مما أدى إلى تعفن أجسادهم وتنتنها، وهذا مما حدا بعيسى {ومن معه بالدعاء إلى الله تعالى أن يطهر الأرض من أجسادهم.
بهذا أخبر عليه الصلاة والسلام، فقد جاء في صحيح الترمذي من قوله عليه الصلاة والسلام: {… ويهبط عيسى وأصحابه فلا يجد موضع شبر إلا وقد ملأته زهمتهم ونتنهم ودماؤهم، قال: فيرغب عيسى إلى الله وأصحابه، قال: فيرسل الله عليهم طيرا كأعناق البخت، قال: فتحملهم فتطرحهم بالمهبل} .- البخت: نوع من أنواع الإبل- معنى (فيرسل الله عليهم طيرا كأعناق البخت) - نوع من الإبل أي طيرا أعناقها في الطول والكبر كأعناق البخت , (فتطرحهم بالمهبل) هوالهوة الذاهبة في الأرض.
ثم قال r: {ويستوقد المسلمون من قسيهم ونشابهم وجعابهم سبع سنين. قال، ويرسل الله عليهم مطرا لا يكن منه بيت وبر ولا مدر. قال: فيغسل الأرض فيتركها كالزلفة}
معنى (ويستوقد المسلمون من قسيهم) جمع قوس والضمير ليأجوج ومأجوج (ونشابهم) أي سهامهم (وجعابهم) جمع جعبة، أي يوقد المسلمون منه سبع سنين لكثرته. ومعنى لا (يَكِنُّ): أي لا يستر ولا يصون شيئا (منه) أي من ذلك المطر (بيت وبر) أوصوف أوشعر (ولا مدر) وهوالطين الصلب , والمراد تعميم بيوت أهل البدووالحضر (فيغسل) أي المطر (فيتركها كالزلفة) وهي المرآة , والمراد أن الماء يعم جميع الأرض بحيث يرى الرائي وجهه فيه.
قال: ثم يقال للأرض: أخرجي ثمرتك وردي بركتك، فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة، ويستظلون بقحفها، ويبارك في الرسل، حتى إن الفئام من الناس ليكتفون باللقحة من الإبل، وإن القبيلة ليكتفون باللقحة من البقر، وإن الفخذ ليكتفون باللقحة من الغنم} [9]. وفي رواية لابن ماجه وهي صحيحة: {وتكون الأرض كفاثور الفضة، تنبت نباتها بعهد آدم، حتى يجتمع النفر على القطف من العنب فيشبعهم، يجتمع النفر على الرمانة فتشبعهم، ويكون الثور بكذا وكذا من المال، ويكون الفرس بالدريهمات}.
من المعلوم -كما جاء في السنة- أن طول آدم {كان ستين ذراعا، وعرضه سبعة أذرع، وكان كل شيء يحيطه يتناسب معه، أي بمعنى أن الحيوانات التي خلقها الله تعالى في عهد آدم لابد أنها تتناسب معه، وكذلك الفاكهة والخضراوات، وإلا كيف كان سيعيش {ويأكل ويشبع، ويركب إذا كانت الحيوانات والنباتات كما هي في أيامنا هذه؟ وصدق الحق جل في علاه حيث قال: )وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً ([10]. فيخبر الحبيب المصطفى r أن الأرض لما تتطهر من خبث الكفر والكافرين، والشرك والمشركين عند ذلك يمن الله تعالى على الأرض وأهلها بهذه الخيرات، وهذه سنة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلا، ولن تجد لسنة الله تحويلا، فمما جاء من سنن الله تعالى التي سنها على خلقه، من قوله تعالى: )وَلَوأَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرض ([11]. * معنى مفردات الحديث: (تأكل العصابة) أي تأكل الجماعة من الرمانة (ويستظلون بقحفها) أي بقشرها، (ويبارك في الرسل) أي اللبن – الحليب - (حتى إن الفئام) وهي الجماعة الكثيرة (ليكتفون باللقحة) وهي القريبة العهد بالولادة وجمعها لقح واللقوح ذات اللبن وجمعها لقاح (وإن الفخذ)،
قال النووي: قال أهل اللغة الفخذ الجماعة من الأقارب وهم دون البطن , والبطن دون القبيلة.
* كم كان عدد يأجوج ومأجوج؟؟ استمع معي لهذا الحديث:
ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري أنه قال، قال رسول الله r: {إن الله تعالى يقول: يا آدم فيقول لبيك وسعديك، فيقول: ابعث بعث النار. فيقول: وما بعث النار؟ فيقول من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة، فحينئذ يشيب الصغير، وتضع كل ذات حمل حملها. فقال: إن فيكم أُمَّتين ما كانتا في شيء إلا كثرتاه؛ يأجوج ومأجوج}.
وفي رواية أخرى له قال r: {يقول الله تعالى: يا آدم! فيقول: لبيك وسعديك، والخير في يديك، فيقول: أخرج بعث النار. قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين. فعندها يشيب الصغير، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد} قالوا: يا رسول الله! وأين ذلك الواحد؟! قال: {أبشروا! فإن منكم رجلا ومن يأجوج ومأجوج ألف، والذي نفسي بيده أرجوأن تكونوا ربع أهل الجنة، أرجوأن تكونوا ثلث أهل الجنة، أرجوأن تكونوا نصف أهل الجنة، ما أنتم في الناس إلا كالشعرة السوداء في جلد ثور أبيض، أوكشعرة بيضاء في جلد ثور أسود، أوكالرقمة في ذراع الحمار}3.
وهذان الحديثان يشيران ضمنياً إلى أن أعداد يأجوج ومأجوج، يفوق مئات الملايين بل بالمليارات، وهي نسبة وتناسب مع المسلمين من أمة محمد من سيدخل الجنة منهم برحمة الله تعالى، فانظر كم عدد المسلمين من أمة محمد من سيدخل الجنة برحمة الله تعالى، والذين سيكونون نصف سكان أهل الجنة لهذا الحديث، بل ثبت في حديث آخر أنهم ثلثا أهل الجنة بأمر الله تعالى وبمشيئته ورحمته، لما جاء في هذا الحديث الذي رواه الترمذي عن بريدة عن أبيه أن النبي r قال: {الجنة عشرون ومائة صف؛ ثمانون منها من هذه الأمة، وأربعون من سائر الأمم}[12]. ومن المعلوم أن الجنة مئة درجة، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض.
وجاء أيضاً عن عتبة بن غزوان قال: {لقد ذكر لنا أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة وليأتين عليها يوم وهوكظيظ من الزحام} [13]. فانظر معي أخي في الله إلى هذه النسبة: كل واحد من أمة محمد r في الجنة، يقابله والعياذ بالله تسعمائة وتسعون في النار، أعاذنا الله وإياكم منها – آميـن – ولنقرب المسألة أكثر، جاء من قوله عليه الصلاة والسلام: {ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب مع كل ألف سبعون ألفا} [14]. ومن المعلوم مما أخبرنا به الحبيب المصطفى r: {أن من هذه الأمة المحمدية من يدخل الجنة دون حساب ولا عذاب}، وهؤلاء مما شملهم هذا الحديث، بل جاء أعم منه وهوقوله عليه الصلاة والسلام: {أعطيت سبعين ألفا من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب، وجوههم كالقمر ليلة البدر، قلوبهم على قلب رجل واحد، فاستزدت ربي عز وجل، فزادني مع كل واحد سبعين ألفا} [15]. وجاء حديث آخر أعم من هذا الحديث أيضاً، وهو ما جاء عن أبي أمامة قال سمعت رسول الله r يقول: {وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب مع كل ألف سبعون ألفا وثلاث حثيات من حثيات ربي}[16]. حيث ذهب أهل العلم إلى أن الحثية من الله تعالى أكثر عددا من السبعين ألفا ومع كل واحد سبعين ألفا، وهذا من عظيم رحمة الله تعالى وفضله ومنِّه وكرمه، فهؤلاء من يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب، وهناك من سيحاسب حساباً يسيرا وبالطبع سيكون عددهم أكثر من أعداد ما سبق، ومنهم من سيناقش الحساب وهم الذين سيُعَذَّبون ولكن لا يخلدون في نار جهنم ما داموا موحدين. روى البخاري ومسلم عن عائشة < أنها قالت: قال رسول الله r: {من حوسب يوم القيامة عذب}قالت عائشة: أوليس يقول الله: )فسوف يحاسب حسابا يسيرا( قال: {ليس ذلك بالحساب إنما ذلك العرض ولكن من نوقش الحساب يهلك}. فلوأخذنا فقط حديث سبعين ألفا من سيدخل الجنة مع كل واحد بعون الله سبعين ألفا، كم سيكون العدد يا ترى؟؟
70000 x 70000 = 4-900-000000 العدد هوأربعة مليار وتسعمائة مليون أي ما يقارب على الخمسة مليارات فلوضربنا هذا العدد بألف وهم مخرج أهل النار كما جاء في الحديث الآنف الذكر = 490-000-000-000 = أربعمائة وتسعين مليارا ولونقصنا منهم العدد السابق وهومن كل ألف واحد يدخل الجنة =
490-000-000-000 - 4-900-000-000 = 485-100-000-000 = أربعمائة وخمسة وثمانين مليارا ومائة مليون من يأجوج ومأجوج، وهذا بالطبع ليس للحصر ولا للجزم وإنما مثال للتقريب على أعدادهم الهائلة، ونحن ولله الحمد لسنا ممن يرجمون بالغيب ولكن نأخذ من المعطيات التي تحدث بها الحبيب المصطفى r والله أعلى وأعلم، وما يعلم خلقه إلا هوسبحانه الذي أحاط بكل شيء علما.
ومما يشير أيضاً إلى أعدادهم الهائلة (شربهم الأنهار التي تصادف طريقهم وشربهم بحيرة طبريا، أعاذنا الله تعالى وإياكم منهم ومن شر فتنتهم.
ثم بعد ذلك ما يكون من أمر عيسى # بعد مقتل يأجوج ومأجوج، اسمع معي لقوله r: {فيكون عيسى بن مريم في أمتي حكما عدلا، وإماما مقسطا، يدق الصليب ويذبح الخنزير، ويضع الجزية ويترك الصدقة، فلا يسعى على شاة ولا بعير، وترفع الشحناء والتباغض، وتنزع حمة كل ذات حمة، حتى يدخل الوليد يده في في الحية فلا تضره، وتُفِرُّ الوليدة الأسد فلا يضرها، ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها، وتملأ الأرض من السلم كما يملأ الإناء من الماء، وتكون الكلمة واحدة، فلا يعبد إلا الله، وتضع الحرب أوزارها، وتسلب قريش ملكها، وتكون الأرض كفاثور الفضة، تنبت نباتها بعهد آدم، حتى يجتمع النفر على القطف من العنب فيشبعهم، يجتمع النفر على الرمانة فتشبعهم، ويكون الثور بكذا وكذا من المال، ويكون الفرس بالدريهمات}[17]. ويقصد سيدنا عيسى # الكعبة المشرفة حاجاً ومعتمرا، لقوله r: {والذي نفسي بيده ليهلن ابن مريم بفج الروحاء حاجا أومعتمرا أوليثنينهما} [18]. وهكذا تبقى الأرض في رغد من العيش ونعيم، ولكن لفترة وجيزة وهي فترة مكث عيسى # على ظهرها، ثم يتوفاه الله تعالى، وهذا أمر الله تعالى، فهوماضٍ في جميع خلقه، حيث قال سبحانه وتعالى: )وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ([19]. أورد الحافظ روايةً عن الطبراني أنه قال: {يدفن عيسى # مع رسول الله # وأبي بكر وعمر، فيكون قبرا رابعا} [20]. وروى الترمذي عن عبد الله بن سلام قال: (مكتوب في التوراة صفة محمد وعيسى بن مريم يدفن معه) قال أبومودود: وقد بقي في البيت موضع قبره. ولكن الألباني رحمه الله ضعَّف هذا الحديث''[21]. وبعد وفاته بفترة من الزمن وقد يتعدى جيلاً كاملاً أوأكثر الله أعلم بذلك، ثم تبدأ من جديد ظهور البدع والفسوق والفجور، والتي تكون سُلَّما للشرك حتى ينتهي الأمر بعد ذلك إلى الكفر وعبادة الأصنام والعياذ بالله، كما بدأ ذلك قبل بعثة نوح #، حيث من المعلوم أن الله خلق عباده على الفطرة وهو- التوحيد - ثم لم تدعهم الشياطين حتى اجتالتهم عن دينهم وشتتهم فرقا وأشياعا، فكانوا كل حزب بما لديهم فرحون، قال الله تعالى في الحديث القدسي: {وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا} [22]. فطرأ الشرك على المؤمنين بعد أن كانوا موحدين بسبب إغواء الشياطين، لقد وردت عن جماعة من السلف روايات كثيرة في تفسير قول الله سبحانه في قوم نوح: ) وَقَالُوا لأ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلأ تَذَرُنَّ وَدّاً وَلأ سُوَاعاً وَلأ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً ([23]. إن هؤلاء الخمسة ودا (ومن ذكر معه كانوا عبادا صالحين) فلما ماتوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن يعكفوا على قبورهم، ثم أوحى إلى الذين جاءوا من بعدهم أن يتخذوا لهم أصناما، وزين لهم ذلك بأنه أدعى لهم على أن يذكروهم فيقتدوا بأعمالهم الصالحه، ثم أوحى إلى الجيل الثالث أن يعبدوهم من دون الله تعالى، وأوهمهم أن آباءهم كانوا يفعلون ذلك، فأرسل الله لهم نوحا #، آمرا لهم أن يعبدوا الله تعالى وحده فلم يستجيبوا له إلا قليلا منهم). وقد حكى الله عزوجل قصته معهم في سورة نوح، فكان أول الشرك على الأرض سببه البدع وهي "تصوير التصاوير والتماثيل لأناس صالحين " فكان أول ما عبد غير الله في الأرض، (ود ومن معه).
ومن المعلوم أنَّ الشيطان عليه اللعنة لما عصى الله تعالى برفضه أمره سبحانه وتعالي له وهوالسجود لآدم #، وحلول اللعنة عليه من الله تعالى، فهويأبى أن يدخل النار لوحده، فإنه لا يهدأ ولا يهنأ له عيش ولا يذوق غمضاً إلا أن يرى السواد الأعظم من بني آدم معه في النار والعياذ بالله، لأنه بزعمه يعتقد أن آدم هوالسبب في حل لعنة الله عليه، ودخوله نار جهنم أبد الآبدين؛ فلهذا الغرض سأل هذا الملعون ربه أن ينظره إلى يوم يبعثون، كما أخبر الله تعالى عنه: )قَالَ رب فأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِين* إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ * قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرض وَلأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلأ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ([24]. فرد الله تعالى عليه بقوله: ) قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ* إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلأ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ* وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ* لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ([25]. وأخبرنا الحبيب المصطفى r بقوله: {إن الشيطان قال: وعزتك يا رب لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم. فقال الرب: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني}[26].
*- خروج القحطاني.
جاء عن أبي هريرة قال قال رسول الله r {لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه}[27] . - قحطان قبيلة من قبائل اليمن -
* جاء في كتاب البدء والتاريخ للمقدسي 1/319، قوله : واختلفوا فيه من هو؟ قيل: إنه رجل صالح، وروي عن كعب أنه قال: (يموت المهدي ويبايع بعده القحطاني)[28]. وقال الحافظ في الفتح ما نصه-: لَمْ أَقِف عَلَى اِسْمه، وَلَكِنْ جَوَّزَ الْقُرْطُبِيّ أَنْ يَكُون جهجاه، الَّذِي وَقَعَ ذِكْره فِي مُسْلِم مِنْ طَرِيق أُخْرَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَة بِلَفْظِ: {لأ تَذْهَب الأَيَّام وَاللَّيَالِي حَتَّى يَمْلِك رَجُل يُقَال لَهُ: جهجاه}، أَخْرَجَهُ عَقِب حَدِيث الْقَحْطَانِيّ.
قَوْله: (يَسُوق النَّاس بِعَصَاهُ)
هُوكِنَايَة عَنْ الْمُلْك، شَبَّهَهُ بِالرَّاعِي وَشَبَّهَ النَّاس بِالْغَنَمِ، وَنُكْتَة التَّشْبِيه التَّصَرُّف الَّذِي يَمْلِكهُ الرَّاعِي فِي الْغَنَم، وَهَذَا الْحَدِيث يَدْخُل فِي عَلأمَات النُّبُوَّة مِنْ جُمْلَة مَا أَخْبَرَ بِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل وُقُوعه وَلَمْ يَقَع بَعْد.
وَقَدْ رَوَى نُعَيْم بْن حَمَّاد فِي الْفِتَن مِنْ طَرِيق أَرَطْأَة بْن الْمُنْذِر - أَحَد التَّابِعِينَ مِنْ أَهْل الشَّام - أَنَّ الْقَحْطَانِيّ يَخْرُج بَعْد الْمَهْدِيّ، وَيَسِير عَلَى سِيرَة الْمَهْدِيّ .
*- خروج الجهجاه.
جهجاه رجل سيملك الدنيا ، وخروجه من علامات الساعة ونص الحديث هو:
جاء عن أبي هريرة قال: قال رسول الله r: {لا تذهب الأيام والليالي حتى يملك رجل يقال له: الجهجاه}. وفي رواية: {حتى يملك رجل من الموالي يقال له الجهجاه} [29]. * أصل الجهجهة الصياح بالسبع يقال: (جهجهت بالسبع أي زجرته بالصياح وهذه الصفة توافق ذكر العصا والله أعلم)[30].